منتديات الجوهرة العراقية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحب الخالد

اذهب الى الأسفل

 الحب الخالد  Empty الحب الخالد

مُساهمة من طرف الجوهرة العراقية الأربعاء نوفمبر 17, 2010 7:32 pm

في الحب نخوض حروبا قد لا تكون قوانينها بالضرورة خاضعة لقواعد محددة بالسنتمترات والمليمترات، بقدر ما هي منقادة لإرادة فوقية، متناهية الآفـاق، لا تعترف بالحدود، تمسك بزمامها تلك العضلة الصغيرة الكبيرة: القلب.

وإذا كان المثل الإنجليزي:

All is fair in love and war!

يقول فيما معناه: كل شئ مسموح به في الحب والحرب، تعبيرا عن حالة التمرد على المألوفات، والتي كثيرا ما يعيشها البشر، رغم كل الشرائع السماوية والأرضية التي حاولت جاهدة تأطير علاقة البشر في ظلالهما، فإن مجنون ليلى، وبغضّ النظر عن كل ما عاناه من ألم الفراق في قصة حبه المستحيلة، يقول بلهجة ملؤها الأمل في هذا البيت من الشعر:

وقد يجمع الله الشتيتين بعدما ** يظنّان كل الظن أن لا تلاقيا

أما في ثقافتنا الشعبية فقد خلد الأدب الصومالي قصة الخبّاز علمي بوطري وفتاته هدن في سلسلة من القصائد الرائعة التي نظمها علمي، وتحولت إلى أعمال فنية في أزمنة لاحقة، أشهرها أغاني الفنان المتميز محمد سليمان تُبيع، امتزجت فيها لغة الشكوى والألم بنكهة الأمل.



ويبدو أن كثيرا ممن يخوضون معارك الحب مدفوعون بطاقة متجددة، تدفعهم للاستمرار حتى آخر رمق، والتشبث بأضعف مقومات الأمل، حتى وإن بدت وهما أو ضربا من الجنون في نظر من سواهم.

وسواء وقعنا في حب إنسان آخر، أو مكان بعينه، أو زمان بذاته، أو موجودات في المكان أو الزمان، فإن عاطفة الحب تلك قابلة لإختراق أكثر الحواجز متـانة، إن أحسنّـا استثمارها!



هذا ما يدفعني إلى التساؤل عن موقع الأفكار من هذه المعادلة العجيبة.

وهل للحب الذي ينشأ بين الإنسان وأفكاره علاقة بديمومتها واندثارها؟



بداية، أستشهد بمقولة المفكر القدير مالك بن نبي، رحمه الله تعالى، عن أهمية دور الأفكار في نمو المجتمعات البشرية:

"إن أهمية الأفكار في حياة مجتمع معين تتجلى في صورتين: فهي إما أن تؤثر بوصفها عوامل نهوض بالحياة الإجتماعية، وإما أن تؤثر على عXX ذالك بوصفها عوامل ممرضة تجعل النمو الإجتماعي صعبا أو مستحيلا".



وبناءا على توصيف بن نبي فإن الأفكار بشقيها: السلبي والإيجابي، تلعب دورا حيويا في صياغة مسيرة المجتمعات نهضة أو نكوصا.



ولا شك أن سمات بيئة ولادة الأفكار ونشأتها، ومدى عمق الأفكار الوليدة ووضوحها، وتناسبها مع السنن الكونية الكبرى وفطرة الإنسان السوية، وتوفر عوامل التمكين المتعددة لها، جميعها عناصر مهمة تؤثر في نمو الأفكار، وتجذرها في بيئتها الأصلية، بل وفي امتدادها خارج حدود تلك البيئة التي ظهرت فيها ابتداءا.



إلا أن مربط الفرس في عالم الأفكار بلا منازع هو: الأفراد!

فالأفراد كانوا وما زالوا العنصر الأكثر تأثيرا في تألق الأفكار وازدهارها ورسوخها وانتشارها وتوريثها وخلودها.

ولك أن تتخيل كيف كانت رسالة الإسلام ستصلني وتصلك لو لم تتجسد تلك الرسالة السماوية، وبتلك القوة والحماس والفهم العميق والتضحيات الكبيرة، في الجيل الأول من المؤمنين: صحابة الحبيب عليه صلوات ربي وسلامه، وعليهم رضوان الله.



كانوا هناك..في حقبة تاريخية يزهو بها الزمان، في أم القرى: مكة المكرمة بخير البشرية، وبأعظم رسالات السماء، وبالسابقين الأولين من عُرب وعجم، حيث حدثت المعجزة الحضارية الكبرى، ولا زلنا نعيش تجلياتها إلى هذه الساعة.



حين تقرأ في التاريخ أن متبرما من قسوة قلب عمر بن الخطاب وشدة إعراضه عن دعوة الإسلام قال ساخرا يائسا ذات يوم: والله لا يسلم عمر حتى يسلم حمار الخطاب!

وتقرأ بعدها أن نفس الرجل الذي كان حمار أبيه أقرب منه إلى الإيمان - حسب مقولة عامر بن ربيعة - قد رقّ قلبه واستجاب لنداء الإسلام بقدرة القادر، وصار يحمل همّ الدين بين جوانحه حتى آخر أنفاسه، وأبدع في خدمته للأمة أيما إبداع، وتفانى في القيام بمصالح رعيته، لدرجة غدت فيها سلامة الحيوانات تشغل حيزا كبيرا من تفكيره! وترك بصمات وضّاءة في تاريخ البشرية كلها، لا يمكن حتى لأكثر الناس عداءا للإسلام تجاهلها، حينها تدرك أن الرجل لم يعتنق الإسلام مسايرة أو مداهنة، بل عن اعتقاد صادق بأنه دين يعلو ولا يعلى عليه. هو الفاروق الذي استجاب الله دعاء نبيه له بالهداية، وكفاه فخرا أن الشيطان لم يسلك برفقته سبيلا!




الجوهرة العراقية
الإدارة

عدد المساهمات : 250
تاريخ التسجيل : 15/11/2010
العمر : 33

https://iraqj.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى